الثلاثاء، 8 يوليو 2008

خططي لزواجك.. لعنوستك أو طلاقك

بعد أن قدمت استقالتي لعملي الماضي لم أعد أرى (ش).. بطبيعة الحال كزميلات عمل لا أكثر.. بعض المهاتفات التليفونية القليلة كانت تجري بيني وبينها.. ومضت بضعة أشهر..

وصدف أن اتصلت بعملي القديم لأحصل على بعض الأوراق..

صدمني وأفرحني الخبر الذي زفته إلي أنها تزوجت.. قلت مبروك.. وتساءلت متى حدث ذلك.. قالت الشهر الماضي.. لم نطيل الخطبة كانت أقل من شهر..

قلت ولماذا هذه العجلة.. قالت: لم أجد أنا وإياه وأهالينا من داعٍ لإطالتها .. فكل شيء جاهز بالنسبة لنا..

وكعادتها وديعة.. لطيفة.. رقيقة ولكنها مقتضبة جداً في حديثها.. أنهينا المكالمة بعد أن باركت لها

وتمنيت لها أطيب التمنيات من الاستقرار والرزق بالبنين والبنات

واليوم قابلتها صدفة أيضاً على الموقع الذي يجمع الكثير من أشتات البشر "الفيس بوك".. مع الأسف أصبحت علاقاتنا تنحصر في "صفحات" وخدمات تكنولوجية لا حس فيها ولا روح..

باركت لي زواجي فقد سمعت به من زملاء تناقلوا الخبر..

وسألتني كيف تجدين الزواج، قلت: الحمد لله

وباشرتها بسؤال وأنت ما أخبار الزواج معك.. وكعادة العرب: إن شاء الله هناك حمل أو طفل قادم!

قالت: لا انفصلنا

لم تأخذني الصدمة كثيراً ولكنني تعجبت.. ففتاة تقليدية محافظة كـ (ش) لن تكون لها مسألة "الطلاق" أمراً هيناً..

قلت: خير..

وكعادتها أجابت باقتضاب: لم نتفق!

لم أشأ أن "ألت وأعجن" كثيراً في الموضوع.. فمسألة حساسة كهذه ومع فتاة مثلها، ليس لطيفاً.. وسأزعجها أكثر من مواساتي لها..

قلت لها: كثيراً في بداية علاقتنا الزوجية ما نتمنى جميعنا الهروب مما أوقعنا أنفسنا فيه.. تهاتفنا الرغبات في كثير من الأحيان بأن نجمع حاجياتنا ونتسلل خلسة عودة إلى بيت العائلة الذي طالما حاولنا أن نتسلل منه خلسة لننعم بحريتنا.. ولكن بمجرد أن يغلق علينا باب مع علاقة يلح علينا المجتمع بدخولها.. وشخص واحد يفترض أن نكمل حياتنا كلها معه حتى تعود لدينا الأماني العقيمة في التسلل..

مجنون من يعتقد أن بالزواج سيحصل على حريته الذي يفتقدها في بيت عائلته..

فكل فتاة تتمنى تلك اللحظة التي تنعم فيه بمنزل يخصها وحدها.. لا تلبي فيه أوامر الماما في رفع الطعام عن المائدة.. وشطف الأرض.. وغسيل الصحون..

أو طلبات البابا في تحضير الشاي أو القهوة له ولأصدقائه..

أو ميانة الأخوة في كي قميص أو ترتيب غرفة..

تظن أو نظن جميعاً أننا في ذلك البيت الخاص سننعم بالحرية وسنستلذ كثيراً بالراحة و السبات والهناء..

نستيقظ متى شئنا.. ونعمل ما نشاء..

لدينا الحرية في تزيين البيت أو "دكورته" بالطريقة التي تناسب ذوقنا نحن.. دون أن تأتِ الماما وتغيره..

وقد نهدد الأهل كثيراً بهذه الحقبة الزمنية المستقبلية.. فنتوعد قائلين: عندما يكون لي بيت سأفعل وأفعل وأفعل..

ولكن الحقيقة تنافي ذلك تماماً..

فربما تصعب عليك حتى مشاهدة التلفاز..

وحلبة الصحون الذي ربما كان يشاركك أحد في مصارعتها.. ستكونين فيها لوحدك مع الكثير من أشغال المنزل.. والتي لن تكون بطلب ولا ميانة.. بل واجب يفرض نفسه.. لأن أحداً غيرك غير منوط بها..

والوقت الذي تشتهينه لنفسك سيندر جداً لدرجة.. أنك ستنسين رغبته فيك..

فالزوج يحاسبك حتى على حقه في وقت فراغك..

الرجل العربي دائماً شخص مطالب بالاهتمام..

وغيرته عليك لا تنحصر في نظرات الرجال المسترقة.. بل من إخوتك ووالدك ووالدتك وصديقاتك وجاراتك وكل من قد يشاركه ولو للحظات معدودة في دقائق فراغك..

وبمجرد أن يرتبط فيك حتى يظن أو يتوهم أو يحاول أن يوهمك أن عمله في الخارج كله لأجلك.. وأن كل خطوة في تقدمه هي لسواد عينيك.. وبطبيعة الحال فعليك أن تدفعي من رصيد جهدك أثمان كل هذا رغم انه وعلى قولة القائل " مو حاطة في جيبتي شي"

ففي النهاية حتى طلباتك ومشترياتك يجب أن تكون لأجله..

اذا اشتريت مكياجاً فقد اشتريته لتتبرجي به لأجله..

وإذا اشتريت ثوباً فيجب ان يكون على ذوقه... ويستر من جسدك ما يتأكد من خلاله أن أحداً لن يجد متسعاً للتلصص على ممتلكاته الخاصة..

لماذا أقول كل هذا الكلام..

ليس لأني مستاءة..

ولا لأني أحض الفتيات على عدم الزواج..

فالزواج نعم ليس عالم الأحلام الذي تتخيليه.. أنا أصر على كلامي..

والزوج أبداً لن يكون فتى الأحلام الذي تنتظرينه منذ طفولتك وحتى بلوغك .. أجاء بشكل تقليدي أو بشكل عاطفي أو بأية طريقة كانت..

فكله محصل بعضه في النتيجة..

والمتزوجة التي تعطيك فكرة عن هذه الحقيقة قبل زواجك لا تظنيها أبداً "ترد العين عنها"..

والتي تقول ان زوجها يقف وراء نجاحها كاذبة..

فهي في المقابل تبذل الكثير من الجهد والتعب والإرهاق وربما تدخل في الكثير من المشاجرات والحروب مع زوجها وان لم يكن مع زوجها فمع عائلته لتحصل على النجاح الذي تتمناه لنفسها..

وستكوني دائما عرضة للمحاكمة من قبل جميع المحيطين والناس.. عن كل إمكانية من إمكانات سعادة زوجك أو تعاسته..

أنت مسؤولة تماماً عنها بداية من زر قميصه... وحتى أحلامه أثناء النوم..

وهو لن يغفر أي تقصير..

وحتى سعادتك وتعاستك معه لا يحاسب عليها بل تحاسبي عليها أنت في مجتمع لا يؤمن إلا براحة الذكر..

وحتى إنجابك وإنعاشك لغريزة الأمومة لديك.. يجردونك منها ويعتبرونها هديتك لزوجك.. أو واجبك أو كيفما كان..

وليس بالضرورة أن يكون ذلك باستخدام العنف... كما تروج وسائل الإعلام.. وكأن المشكلة الوحيدة بين الزوج وزوجته هي "عندما يضربها" أو "لا يصرف عليها" أو "لا يمتعها في السرير"..

في الحقيقة تلك المشاكل كلها لا يصادفها إلا عدد محدود من النساء.. أما المتبقيات فهن يواجهن مشاكل قد لا يجدن لها مبرراً داخل أنفسهن.. وان وجدنها فلن يتقبلها المحيطين ليزيد الضغط عليك أكثر وأكثر..

فالمرأة الشكاية منتقدة من قبل الجميع..

والمرأة الضعيفة مستهان معها من قبل الجميع..

والقوية تصبح الشكوى منها من قبل الجميع..

وحتى الجنس بين الزوجين الذي في كثير من الدراسات يقال أنه يبني أو يدمر العلاقة الزوجية بنسبة 70%..

كذبة كبيرة..

فهي ألم في بدايته بالنسبة للمرأة.. ورعب بالنسبة للرجل..

ومع الوقت هو متعة لا تتجاوز الإحدى عشر دقيقة في اليوم على ذمة الأديب "باولو كويلو" في بداية الزواج.. وقد يصدف أن توجد هذه العشر دقيقة مع تقدم الزواج..

مرة أخرى، لا أحض الفتيات على عدم الزواج.. ولا أقلل من أهمية الزواج..

فهو سنة الحياة وسبب للتكاثر على وجه الأرض.. وتنظيم العلاقات بين الأنثى والذكر..

لكن دعونا لا نتأمل فيه الكثير..

فنعيب على فتاة أنها لم تتزوج حتى الآن.

أو نوصم المطلقة بالعار..

أو نتشائم من الأرملة!

فمن لم تتزوج.. لم تشأ أن تخوض هذه المرحلة لأنها مرتاحة أكثر بهذه الطريقة وليس هناك ضرورة للإلحاح عليها.. أو أن تتحسر هي على نفسها لأنها لم تتزوج..

والزواج لا يجب أن يكون سببا للمفاضلة بين البنات وسبب للمكائد والغيرة بين الأطراف الأنثوية..

فهو في النهاية مرحلة ضرورية في حياتنا وليس أكثر..

ضرورة كما قلت لبناء الكون كما شاء رب العباد..

ونحن جميعاً خلقنا لإعمار الكون..

سواء كان هذا الإعمار من خلال الدخول في العلاقة الزوجية للإنجاب..

أو الإعمار من خلال العمل والاصلاح..

المهم ماذا تقدم.

كل ما أحاول أن أقوله.. أننا وقبل أن نفكر في الزواج باعتباره ضرورة ملحة ..

أن نتحضر له..

فشهر واحد لا يكفي للخطبة ولا شهرين ولا ثلاثة..

الخطبة وجدت لأنها دورة مصغرة للزواج.. يجب أن نتحضر من خلالها لكل شيء.. ونبدأ بتجربة كل شيء في الخطبة لنفهم الطرف الآخر.. ولا ننصدم عند الارتباط به.. كما لا يصدمنا خروجنا من بيت العائلة..

نعم عليك أن تحضري نفسك.. أن تكوني ربة بيت مسؤولة

أن تتخلي عن هواياتك البسيطة

أن تبحثي عن قدرتك في العناية بشخص آخر

حتى لا نقع في الطلاق المحظور الذي يعايرنا به كل المجتمع..

وبافتراض انه حدث مع أية فتاة.. فهذا ليس لأن فيها عيباً بل لأنها لم تتحمل تلك المسؤولية أو لم تجد هذه الوظيفة مع ذلك الشخص..

ليس بالضرورة لأن أحد الأطراف سيء..

وفي السنة الأولى تحديداً.. لدى كل الفتيات وان ادعين عكس ذلك تلك الرغبة في الهروب من البيت الجديد الذي دخلته بقدميها..

أما الطلاق في السنوات اللاحقة.. فهو أيضا ليس لأن أحد الأزواج سيء.. وليس لأن الزوجة متمردة أو لأن الزوج بخيل.. أو عاجز.. أو.. أو

بل لأنه ببساطة اختلف الاثنين حول نتائج المرحلة.. واختلفت المسؤوليات واختلفت القدرات على تحملها وتحمل المعاناة التي تحف بها..

فليس هناك ضرورة لنشوء عداوة بينهما.. أو بين أهليهما..

أصبحت أعرف الكثير من المطلقات كما أعرف الكثير من المتزوجات..

كلاهما لسن راضيات..

باختصار لا أحد راض بنصيبه..

لأن أحداً منا لا يخطط أبداً لما هو مقدم عليه..

وحتى الزواج أو الطلاق يحتاج للتخطيط

هناك تعليق واحد:

johana22 يقول...

اجل كل ما كتبتيه صحيح باسلوبك الواقعي الصريح .
لقد اصبتني في مقتل !